كتاب التحفة النبهانية تاريخ الجزيرية العربية مائة عام وعام على تأليف كتاب التحفة النبهانية في تاريخ الجزيرة العربية

كتاب التحفة النبهانية تاريخ الجزيرية العربية مائة عام وعام على تأليف كتاب التحفة النبهانية في تاريخ الجزيرة العربية


23 فبراير2015

العلامة الشيخ محمد ابن الشيخ خليفة النبهاني


بقلم راشد الجاسم rashidaljassim@

أوضاع المنطقة قبل اصدار كتاب التحفة النبهانية في تاريخ الجزيرة العربية ( 1)

في ظل تصاعد وتيرة الصراعات والنزاعات والتنافس الاستعماري و بداية تكوين الدويلات في خليجنا العربي، وكانت الأحداث المتلاحقة تشير الى وجود تغير في مشيخات المنطقة في ظل هذه الحقبة التاريخية، وكان الفترة بين 1910 الى 1914 هي الأصعب في تاريخ مشيخات الخليج العربي، وخصوصا بأن عام 1914م كان العالم على موعد مع اندلاع الحرب العالمية الأولى، ومنطقة الخليج العربي كانت تشهد صراعات داخلية وصراعات نفوذ القوى الأجنبية، ففي قطر بعد تدمير ميناء الزبارة كان ذلك يعد بمثابة القضاء على النفوذ العثماني الذي كان على مقربة من البحرين، ووجد الشيخ قاسم نفسه في طور مواجهة مع الانجليز، مما دفعه لتقديم طلب انسحابه كقائم مقام الدولة العثمانية، وبدأت مرحلة جديدة بين العلاقات البريطانية القطرية بعد توقيع الاتفاقية الانجليزية العثمانية في يوليو عام 1913م(2).

وفي ظل الخوف البريطاني من تعاظم النفوذ الألماني بعد اطلاق مشروع اطلاق مشروع سكة الحديد (برلين-بغداد) الذي يربط برلين الى ساحل الخليج العربي، وعلى الفور قامت بريطانيا بتوثيق العلاقات مع الكويت، وكانت تدفع 4000 جنيه للشيخ مبارك كي لا يستجيب الشيخ لالمانيا، وكون الخط الحديدي المراد انشائه يمر ببلاده، وفي عام 1910م تعهد الشيخ مبارك أمام الكابتن شكسبير الوكيل البريطاني في الكويت بأن لا يسمح للأجانب بالبحث في مياهه الاقليمية عن اللؤلؤ أو الاسفنج، وفي عام 1913م تعهد بأن لا يمنح امتياز استغلال البترول لأي شخص دون الرجوع الى الحكومة البريطانية.(3)

النفوذ الفعلي للشيخ مبارك بعد الاتفاقية الانجليزية العثمانية في يوليو 1913م
النفوذ الفعلي للشيخ مبارك بعد الاتفاقية الانجليزية العثمانية في يوليو 1913م(4)

وفي عام 1913م نجح عبدالعزيز ابن سعود الذي تعاظمت قوته من الزحف نحو العثمانيين في الاحساء دون عقد اي اتفاقايت مع بريطانيا(5)، وفي مايو من نفس العام تمكن من السيطرة على الهفوف وخير الحامية العثمانية بين التسليم أو الموت المفاجئ وتلتها القطيف بعد أيام، وفي غضون شهر خرج الاتراك بعد اعطاؤهم الأمان، فانسحبوا الأتراك الى العقير ومنها الى البحرين، بعد سماح بريطانيا بتواجد الحامية العثمانية في البحرين خشية من تعاظم فتوحات عبدالعزيز ابن سعود في السواحل الخليج والساحل العماني، لم يقتصر الدور الانجليزي على هذا الحد بل شجعوا الحامية العثمانية من استرجاع قلعة العقير، وقام العثمانيون بتلك المحاولة ولكنهم فشلوا، ومنذ ذلك الوقت أخذت الحكومة البريطانية في تغيير مواقفها بالنسبة لعبدالعزيز ابن سعود وتعمل على اكتسابه لجانبها، وخصوصا بعد جلاء الحامية العثمانية وبعد تمكن عبدالعزيز من الاستيلاء على القطيف والعقير جعل ذلك له موطئ قدم على الخليج وأصبح بمثابة أمير من امراء الخليج.(6)


أما عن الأوضاع في مسقط فبعد قضاء الحكومة البريطانية على تجارة الاسلحة في عمان عام 1912م، ساهم ذلك في عجز الثائرون على السلطان فيصل من التزود بالاسلحة، وبدأت ثورة جديدة في عمان الداخلية عام 1913 بسبب ازدياد النفوذ البريطاني على مسقط(7)، مما أدى الى قيام حكومة الهند بابتعاث 500 جندي وعددا من السفن لمعاونة السلطان، ولكن لم يمنع ذلك من نجاح الثوار في السيطرة على وادي سمائل، الذي يعد ذو اهمية حربية حيث انه المنفذ الوحيد بين الساحل والداخل وفي اكتوبر من نفس العام توفي السلطان فيصل وخلفه السلطان تيمور ولم تستقر الأوضاع نسبيا الا بعد عقد صلح عام 1915م(، وفي البحرين تعهد الشيخ عيسى بن علي بأن لا يسمح بتأسيس أي وكالة للبريد في البحرين دون موافقة المقيم البريطاني، وكذلك أصبح لبريطانيا الحق في استغلال ثروة البحرين بمقتضى اتفاقيتين الأولى عقدها شيخ البحرين مع بريطانيا في اواخر عام 1911م، وهي خاصة بمصائد اللؤلؤ والاسفنج، والثانية في 14 مايو من عام 1914 تعهد شيخ البحرين بأن لا يسمح باستغلال البترول لأي شخص، وحتى هو بنفسه الا بعد الحصول على موافقة الوكيل السياسي في البحرين، وبالطبع حدث ذلك بعد فرض الانجليز على البحرين بتطبيق القانون المدني والجنائي (الصادر في الهند عام 1890م) وكان ذلك في عام 1913م واعتبار البحرين احدى المستعمرات البريطانية.(9)، وفي عام 1913م أيضا انشغلت الدولة العثمانية في حروب البلقان وعقد مؤتمر عربي في مدينة المحمرة الذي ضم كل من الشيخ خزعل الكعبي والشيخ مبارك ال صباح والسيد طالب النقيب وكان الهدف منه حول مستقبل العراق او بمعنى أدق حول اختيار حاكما لها(10).

العلامة الشيخ محمد ابن الشيخ خليفة النبهاني في البحرين
العلامة الشيخ محمد ابن الشيخ خليفة النبهاني في البحرين(11)

وصول الشيخ محمد النبهاني الى البحرين عام 1913م

وفي ظل هذه الظروف الآنف ذكرها وصل الشيخ محمد ابن العلامة الفاضل الشيخ خليفة ابن حمد بن موسى ال نبهان، ثم الطائي نسبا، والمكي مولدا ومنشئا، والمالكي مذهبا الى البحرين في أواخر عام 1913م، والتقى حكامها وطلبوا منه أن يكتب تاريخ البحرين مع ذكر حكامها الحاليين، وملوكها القدماء، و تحرير ما وقع فيها من معارك في زمن ال خليفة، وذكر بعض حروب المتقدمين، والتعريف بأنساب العرب الموجودين، وذكر الامراء والدول الماضين، وأن يشمل بنبذة من تاريخ العرب كآل سعود وآل صباح وآل رشيد ونظرائهم(12) ومن واقع استنتاج شخصي بأن الشيخ عيسى بن علي ال خليفة طيب الله ثراه، وفي ظل هذه الظروف المحيطة والتي لا يعلم مدى أبعادها المستقبيلة، فأراد الشيخ عيسى أن يحفظ التاريخ من الضياع، فوافق الشيخ محمد النبهاني وعنون الكتاب المراد طباعته بالنبذة اللطيفة في الحكام من آل خليفة، وقد تم تبييضه الأول في الثامن من مارس عام 1914م وقرر الذهاب الى بغداد عن طريق البصرة لاتمام طباعته(13).

رسممة للشيخ محمد النبهاني مع أحمد جودت بيك صاحب جريدة المنير الغراء البصرية
رسمة للشيخ محمد النبهاني مع أحمد جودت بيك صاحب جريدة المنير الغراء البصرية(14)

الشيخ محمد النبهاني في البصرة


وفي يوليو عام 1914م وصل النبهاني الى البصرة، ثم ركب الباخرة النهرية (الحميدية) فأرست بمرفأ بغداد في الخامس والعشرين من يوليو، والتقى الأديب ( أحمد جودت بك ابن عم علي كاظم بك) الموصلي صاحب جريدة الغراء البصرية، فأشار عليه بأن يكون تاريخا عاما للجزيرة العربية كلها، ويشمل رسومات للحكام والسلاطين، ومن هنا سمي الكتاب التحفة النبهانية في تاريخ الجزيرة العربية، ولضيق الوقت عجل بطبع الكتاب المختص بالبحرين، ولما شبت نار الحرب العظمى عجل العودة الى البصرة، ولكنه اكتشف بأن الحكومة العثمانية قد أمرت بسد مدخل البصرة من جهة البحر (وجه الفاو) وكان ذلك في (30 أكتوبر عام 1914م)، ولم تمكنه هذه الظروف من الوصول الى البحرين، وفي (14 مارس عام 1914م)، تم أسر الشيخ النبهاني وسلبت منه جميع كتبه ومؤلفاته(15).

موقف الشخ عيسى بن علي فور علمه بخبر أسر الشيخ النبهاني

فوصل خبر أسر الشيخ النبهاني الى مسامع الشيخ عيسى بن علي آل خليفة فأبلغ رئيس الخليج في شأنه، ففي (حوالي) شهر مايو عام 1916م، وصل خطاب الشيخ عيسى الى حاكم البصرة يستشفعه لاطلاق سراحه فتم ذلك وأبلغته دائرة الشرطة بهذا الخصوص، فبقى تحت الاقامة السرية الى أن أطلق سراحه وحريته تماما في عام 1337هـ (بين 1918و1919م)، وهذا صعب على النبهاني تجميع التاريخ بنفس الصورة السابقة ولكنه تمكن من اعادة طباعته(16)، فعلا أنها قصة كفاح لكتابة التاريخ ويستحق منا الشيخ النبهاني تحية اجلال وعرفان على هذه التضحية، ويعد كتاب التحفة النبهانية أحد أهم المراجع في تاريخ الجزيرة العربية الى يومنا هذا.


المراجع
1-كتاب التحفة النبهانية (البحرين)- تأليف العلامة الشيخ محمد ابن الشيخ حمد بن موسى النبهاني الطائي – فراديس للنشر والتوزيع-صفحة 363

2-كتاب تاريخ الخليج العربي الحديث والمعاصر المجلد الثاني- الناشر دار الفكر العربي 2001م-المؤلف الدكتورجمال قاسم زكريا- صفحة 295 الى 296

3-د.جمال زكريا نفس المرجع صفحة 343

4- د.جمال زكريا نفس المرجع صفحة 342

5- د.جمال زكريا نفس المرجع صفحة 368

6- د.جمال زكريا نفس المرجع صفحة370 و371

7-د.جمال زكريا نفس المرجع صفحة 457

8- دجمال زكريا نفس المرجع صفحة 460 و461

9- دجمال زكريا نفس المرجع صفحة301 و302

10- كتاب تاريخ الخليج العربي الحديث والمعاصر المجلد الثالث- الناشر دار الفكر العربي 2001م-المؤلف الدكتورجمال قاسم زكريا- صفحة13

11-الشيخ محمد النبهاني نفس المرجع السابق- صفحة35

12-كتاب التحفة النبهانية (البحرين)- تأليف العلامة الشيخ محمد ابن الشيخ حمد بن موسى النبهاني الطائي-الناشر مكتبة الثقافة الدينية- صفحة 6

12-الشيخ محمد النبهاني-نفس المرجع صفحة 6

13-الشيخ محمد النبهاني-نفس المرجع صفحة 6

14-الشيخ محمد النبهاني-نفس المرجع صفحة 12

15-الشيخ محمد النبهاني-نفس المرجع صفحة 6 و 7

16-الشيخ محمد النبهاني-نفس المرجع صفحة 7

Posted in مقالات | Tagged كتاب التحفة النبهانية تاريخ الجزيرية العربية الشيخ محمدج النبهاني البحرين | أضف تعليقاً
.





















“مدونة راشد الجاسم”