حركة الإجازات العلمية في البحرين الشيخ العلامة عبدالله الصديقي مثالا ( ولد في قرية كجوئي في بر فارس )

حركة الإجازات العلمية في البحرين الشيخ العلامة عبدالله الصديقي مثالا ( ولد في قرية كجوئي في بر فارس )


في طور بحثي عن تراث علماء البحرين وتراجمهم وقفت على عدد من الإجازات العلمية لهم، والتي تستحق الدراسة والنشر، ومنهم الشيخ راشد بن عيسى المالكي، وابنه مفتي المحرق عيسى بن راشد المالكي، وغيرهم، و«الإجازة» مصطلح علمي وضعه علماء الإسلام قديما بهدف توثيق العلوم التي يتلقاها الطالب والتلميذ من شيخه، كالقرآن الكريم ومرويات السنة النبوية وغيرها، وتعتبر كالإذن له في المشاركة العلمية في المجال العلمي الذي أجيز فيه، والإجازة يمكن أن يناله كل من تلقى ذلك العلم عن شيخه، لكن مدى براعته وإتقانه لذلك العلم فهذا شيء آخر، وللعلماء في معرفة ذلك موازين دقيقة يميزون فيه عن الراوي المتقن التام الاتقان والضبط عن غيره، كما أن للإجازة عدة صور ذكرها العلماء في كتبهم لا نطيل بذكرها، ومن تلك الإجازات العلمية في البحرين التي وقفت عليها إجازات شيخ مشايخنا العلامة الفقيه عبدالله بن محمد الصديقي رحمه الله تعالى، والتي تلقاعا عن مشايخه في العلوم.

ترجمة المجاز عبد الله بن محمد الصديقي
اسمه ونسبه:
هو الشيخ العلامة الفقيه عبدالله بن محمد بن أحمد بن عبد الملك بن أحمد بن أحمد بن محمد بن عبد الملك الصديقي، الشافعي، ويرجع نسبه إلى الخليفة الراشد أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
مولده ونشأته:
ولد سنة 1315 هـ في مدينة كجوئي بفارس، وبها نشأ، ولما بلغ مبلغ التحمل رحل إلى سلطان العلماء العلامة عبد الرحمن بن يوسف الخالدي، ثم رحل إلى مدينة الأحساء للتلقي على علمائها، كما رحل إلى مكة المكرمة والتحق بالمدرسة «الصولتية» ، والتزم حلقات الحرم المكي، حتى تفنن في عدة فنون، وبعد الانتهاء من مرحلة الطلب استقر بالبحرين واشتغل بالتدريس والخطابة والإمامة، وتصدر للفتوى، وأسس مدرسة دينية وسماها «المدرسة الخيرية بالبحرين»، وذلك سنة 1373هـ، كما هو موجود على ختم المدرسة.
وكان رحمه الله تعالى على جانب كبير من الزهد والورع، مبتعدا عن مناصب الدنيا ووظائفها، حسن السيرة حلو المعاشرة، ولذا كان معظما لدى عامة الناس والكبراء، ومحبوبا لديهم.
شيوخه:
لشغفه بالعلم وحبه للتحصيل كانت رحلاته العلمية، بين فارس والأحساء ومكة المكرمة والمدينة المنورة وغيرها من المدن، ولا يمكننا تحديد عدد مشايخه وحصرهم بالضبط، فمن شيوخه:
1ـ العلامة عبد الرحمن بن يوسف الخالدي الشافعي (ت ١٣٦٠هـ)، الملقب بـ «سلطان العلماء»، وقد رثاه بمرثيتين، إحدهما باللغة الفارسية والثانية بالعربية، ومطلعها:
بكت العباد لموت حبر زمان
وفقيد علم منبع العرفان
العالم النحرير من يدعى على ال
علماء سلطانا بلا بهتان
قد كان للإسلام ركنا قائما
بالعلم والفتوى لكل مكان
خدم الأنام بجده وبجهده
نشرا لعلم الدين بالاتقان
2ـ الشيخ محمد بن حسن الحسن الكوهجي الشافعي (ت 1353 هـ).
3ـ السيد عباس بن عبدالعزيز بن عباس الحسني الإدريسي، المكي المالكي (ت 1353هـ).
4ـ العلامة السيد علوي بن عباس الحسني الإدريسي، المكي المالكي (ت 1391 هـ).
5ـ العلامة عبدالله النمنكاني ثم المكي الحنفي (ت1363هـ)، وله منه إجازة كما سيأتي.
6ـ العلامة حسن بن محمد المشاط المكي المالكي(ت1399هـ)، وله منه إجازة كما سيأتي.
7ـ العلامة محمد بن حسين العرفج الأحسائي الشافعي(ت1360 هـ).
8ـ العلامة أبو بكر بن عبدالله الملا الأحسائي الحنفي (ت 1366 هـ).
9ـ الشيخ إدريس بن أحمد البناني، وله منه إجازة في الذكر.
وغيرهم، ولا شك بأنهم أكثر ممن ذكرناهم، لاسيما وأنه أقام بمكة المكرمة التي هي مقصد العلماء من سائر الأقطار.
تلامذته:
وكان الشيخ الصديقي رحمه الله حريصا على نشر العلم بين الناس، بالخطابة والموعظة والتدريس والفتوى، فكثر الآخذون عنه والمستفيدون منه، لاسيما وأنه أسس مدرسة، فمن تلاميذه:
1ـ شيخنا الشيخ العلامة القاضي يوسف بن أحمد الصديقي الشافعي، وهو ابن أخيه.
2ـ الشيخ عبدالله بن إبرهيم الأنصاري (ت 1410 هـ).
3ـ الشيخ محمد رشيد جناحي الشافعي.
4ـ مجيزنا الشيخ علي بن محمد بن علي أحمد الملك الصديقي، الشافعي، ابن أخته.
5ـ شيخنا الشيخ العلامة نظام محمد صالح يعقوبي العباسي الشافعي.
6ـ يوسف محمد يوسف الجناحي (وجدت اسمه في إحدى كتب المدرسة).
7ـ عبدالرحمن محمد يونس قشمي (وجدت اسمه في إحدى كتب المدرسة).
8ـ محمد ملا حسين كورئي (وجدت اسمه في إحدى كتب المدرسة).
9ـ محمد عبدالرحمن محمد علي هرنكي (وجدت اسمه في إحدى كتب المدرسة). وغيرهم الكثير.
مؤلفاته:
لم تكن للشيخ عبدالله رحمه الله تعالى عناية بالتألف، ولم أقف حتى الآن على مؤلف له، ولعله انشغل بالتدريس عن التأليف، إلا أنه نسخ بعض الكتب بيده، وله مراسلات، وتقاريظ لبعض الكتب، وله مجموعة خطب وأشعار وفتاوى، باللغة الفارسية والعربية، ولعل الله أن يوفقنا لخدمة خطبه وإخراجها، وكانت لدي مكتبة انتقلت إلى شيخنا يوسف الصديقي رحمه الله تعالى.
وفاته:
كانت وفاته رحمه الله تعالى في 29 من جمادى الآخرة سنة 1390هـ، عن 75 سنة تقريبا، قضاها في العلم والتعليم، ودفن بمقبرة المنامة.
ثانيا: المجيزون وإجازتهم.
أولا: إجازة العلامة المشاط.
هو الشيخ العلامة حسن بن محمد بن عباس المشاط، أو أحمد، المكي المالكي، ولد بمكة المكرمة في 3/10/ 1317هـ، وبها نشأ، ودرس على علمائها،: تتلمذ عليه الكثيرون وتخرجوا على يديه، ومن أهل البحرين شيخنا العلامة القاضي يوسف بن أحمد الصديقي الشافعي، والشيخ علي العوضي، رحمهما الله تعالى، توفي رحمه الله تعالى بمكة المكرمة يوم الأربعاء 7 من شوال عام 1399هـ.
تنظر ترجمته في: نثر الدرر بتذييل نظم الدرر: لعبدالله بن محمد غازي (ص 540)، وقرة العين: للفاداني (1/ 118)، وأعلام المكيين: لعبدالله بن عبد الرحمن المعلمي (2/ 885)، والجواهر الحسان: لزكريا بن بيلا (1/ 313)، مقدمة الجواهر المنيفة في بيان أدلة عالم المدينة: للدكتور عبدالوهاب أبو سليمان، وتشنيف الأسماع بشيوخ الإجازة والسماع: لمحمود سعيد ممدوح (ص 159).

ثانيا: إجازة الشيخ النمنكاني.
هو الشيخ العلامة عبدالله بن محمد نيازي النمنكاني، ثم المكي الحنفي، ولد بمدينة نمنكان، وبها نشأ وطلب العلم على علمائها، توفي رحمه الله بمكة المكرمة في 29 ربيع الأول عام 1363هـ.
تنظر ترجمته في: سير وتراجم: لعمر عبدالجبار (ص 183)، ونثر الدرر بتذييل نظم الدرر: لعبدالله بن محمد غازي (ص 574)، وأعلام المكيين: لعبدالله بن عبد الرحمن المعلمي (2/ 991)، وقرة العين في أسانيد شيوخي من أعلام الحرمين: لمحمد ياسين الفاداني (1/ 233)، والجواهر الحسان: لزكريا بن بيلا (1/ 203)، وتشنيف الأسماع بشيوخ الإجازة والسماع: لمحمود سعيد ممدوح (ص 358).
ختاما
فما أحوجنا إلى مثل هذه الذخائر التراثية ودراستها في تراثنا البحريني، ومن حقنا أن نجدد هذا التراث ونحييه ونبرزه للناس، لا رجوعا منا إلى الوراء لنعيش على أطلال الماضي وإنما لنحفظ لتراثنا الاستمرار دون انقطاع، نصل الماضي بالحاضر ومنه ننطلق إلى آفاق المستقبل.